موجة الغلاء بعد الثلاث مئات الجديدة…في الأجور والمعاشات.مصر تواجه تحديات اقتصادية صعبة وقرارات تقشفية قاسية لا شك أن الوضع الاقتصادي في مصر يمر بمرحلة حرجة، تتطلب اتخاذ إجراءات جذرية وسياسات شجاعة لمواجهة التحديات المتزايدة، والتي تشمل ضعف النمو وارتفاع الدين والتضخم والبطالة والفقر. لكن هل تستطيع الحكومة المصرية تنفيذ هذه الإجراءات دون أن تخسر شعبيتها أو تثير احتجاجات شعبية؟ وهل تستطيع الحصول على دعم خارجي كافٍ لتمويل احتياجاتها؟
أحد أبرز التحديات التي تواجه مصر هو التزامها ببرنامج إصلاح اقتصادي مع صندوق النقد الدولي، الذي يشترط على مصر تنفيذ عدة شروط، من أهمها تعويم الجنيه المصري، وخفض الإنفاق العام، وزيادة الإيرادات، وإلغاء أو تقليل الدعم على السلع والخدمات الأساسية، وبيع بعض شركات القطاع العام.
هذه الشروط، رغم أنها قد تساهم في تحسين المؤشرات الاقتصادية على المدى البعيد، إلا أنها تؤثر سلباً على حالة المواطن المصري على المدى القصير، حيث تزيد من ضغط المعيشة والغلاء والفقر. كما أن هذه الشروط تثير مخاوف من حدوث اضطرابات اجتماعية أو سياسية، خاصة في ظل اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة.
موجة الغلاء بعد الثلاث مئات الجديدة…في الأجور والمعاشات.
ولذلك، فإن الحكومة المصرية تحاول التوفيق بين مطالب صندوق النقد من جهة، ومصالح المواطن من جهة أخرى، بإجراء بعض التعديلات أو التأجيلات على بعض القرارات التقشفية. فمثلاً، قامت الحكومة بزيادة بسيطة في أجور ورواتب ومعاشات الموظفين والمتقاعدين، وأجلت زيادة أسعار البنزين والكهرباء والماء إلى ما بعد انتهاء فترة الانتخابات.
لكن هذه التسويات لن تكون كافية لإرضاء صندوق النقد، الذي يضغط على مصر لإظهار التزامها بالبرنامج الإصلاحي، والذي يعتبر شهادته ضرورية لجذب المستثمرين والمانحين الخارجيين. ولهذا السبب، فإن مصر تواجه خطر فقدان الدعم الدولي، أو تأخر صرف الشرائح المتبقية من القرض، أو رفع سعر الفائدة على الديون.
ومن هنا، يتضح أن مصر تقف على مفترق طرق اقتصادي حاسم، يتطلب منها اتخاذ قرارات صعبة ومواجهة عواقبها. فإما أن تخضع لشروط صندوق النقد وتتحمل تبعاتها على المستوى الداخلي، أو أن تتحدى صندوق النقد وتبحث عن بدائل أخرى للخروج من الأزمة. وفي كلا الحالتين، سيكون المواطن المصري هو الضحية الأولى والأخيرة.
موجة الغلاء بعد الثلاث مئات الجديدة…في الأجور والمعاشات.
سد النهضة وتهديد أمن مصر الاقتصادي.
قضية سد النهضة هي قضية معقدة وحساسة تتعلق بتقاسم مياه نهر النيل بين مصر والسودان وإثيوبيا. إثيوبيا تريد بناء سد عملاق على النيل الأزرق لتوليد الكهرباء وتعزيز التنمية الاقتصادية، لكن مصر والسودان تخشيان من أن يؤثر ذلك على حقوقهما المائية وأمنهما الغذائي.
مصر تعتبر نفسها دولة نهرية تعتمد بشكل كبير على مياه النيل لسد احتياجاتها من الشرب والزراعة والصناعة. مصر تحصل على حوالي 55.5 مليار متر مكعب من المياه سنويا بموجب اتفاقية عام 1959 بينها وبين السودان، وهذا لا يكفي لسكانها الذين يزيدون عن 100 مليون نسمة. لذلك، فإن أي خفض في تدفق المياه قد يؤدي إلى أزمة مائية خطيرة في مصر.
وفقا لبعض التقديرات، فإن سد النهضة قد يخفض من حصة مصر من المياه بنحو 25% خلال فترة الملء، وبنحو 40% خلال فترة التشغيل، مما قد يؤدي إلى خسارة مليونات الفدادين من الأراضي الزراعية، وانخفاض في إنتاج المحاصيل، وارتفاع في أسعار الغذاء، وزيادة في مستوى الفقر.
كما أن سد النهضة قد يؤثر على توليد الطاقة في مصر، خاصة من خلال سد أسوان الذي يعتبر أكبر مشروع كهرومائي في مصر. سد أسوان يولد حوالي 10% من احتياجات مصر من الكهرباء، وأي تخفيض في منسوب المياه قد يؤدي إلى انخفاض في قدرته التوليدية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن سد النهضة قد يشكل تحديات بيئية لمصر، مثل زيادة التلوث والملوحة والطحالب في المياه، وانخفاض جودة التربة والتنوع الحيوي، وتغير المناخ والأحوال الجوية.
ولمواجهة هذه التأثيرات، قد تضطر مصر إلى اتخاذ إجراءات اقتصادية ضرورية، مثل زيادة استثماراتها في تحلية المياه وإعادة استخدامها، وتطوير طرق زراعية أكثر كفاءة وتوفيرا للمياه، وتنويع مصادر الطاقة والاعتماد أكثر على الطاقة المتجددة، وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي لحل النزاعات المائية.
هذه الإجراءات قد تحتاج إلى موارد مالية وبشرية وتقنية كبيرة، وقد تؤثر على معدلات النمو والتضخم والدين في مصر. لذلك، فإن حل قضية سد النهضة بطريقة عادلة ومستدامة يعد ضروريا للحفاظ على أمن مصر الاقتصادي والاجتماعي.