سد النهضة… الملء الرابع : تحدي أم فرصة؟

0

سد النهضة… الملء الرابع : تحدي أم فرصة؟ في الأسبوع الماضي (13 يوليو/ تموز). أصدرت مصر وإثيوبيا بياناً مشتركاً يعلنان فيه عن استئناف المفاوضات حول سد النهضة، الذي يثير قلق مصر والسودان من تأثيره على حصصهما من مياه النيل. وجاء البيان بعد أن كتب صاحب هذه الزاوية في “العربي الجديد” عن “مخاطر مسكوت عنها في سدّ النهضة” (10 يوليو/ تموز)، حيث تحدث عن ضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني ومُلزم بين الدول الثلاث.

ولكن هل يعني هذا البيان أن هناك تقدم في حل الخلافات بشأن السد؟ أم أنه مجرد تأجيل للمشكلة؟ وهل يضمن هذا البيان حقوق مصر والسودان في مياه النيل وسلامتهما من خطر السد؟

سد النهضة… الملء الرابع : تحدي أم فرصة؟

  الملء الرابع: تحدي أم فرصة؟

أحد أبرز النقاط التي جاءت في البيان المشترك هو التزام إثيوبيا بعدم إحداث “ضرر ذي شأن” بمصر أو السودان خلال المرحلة الرابعة من عملية ملء خزّان السد، التي من المقرر أن تبدأ قريباً. وقد اتفقت مصر وإثيوبيا على استكمال المفاوضات خلال أربعة أشهر، بهدف التوصّل إلى اتفاق شامل وعادل.

ولكن هذا التزام ليس جديداً، فإثيوبيا قد أعطت نفس التعهّد منذ سبع سنوات، عندما بدأت في بناء السد، ولم تحترمه في المرحلة الأولى أو الثانية أو الثالثة من عملية الملء. فكيف يُمكن التأكّد من التزامها في المرحلة الرابعة، التي ستزيد من حجم الماء المخزّن في السد، وستقلّص من كمية الماء المارّ إلى مصر والسودان؟

إضافة إلى ذلك، فإن هذا التزام لا يُحدّد معنى “ضرر ذي شأن”، فهل يعني ذلك ضرر بالغ أو ضرر محتمل أو ضرر قابل للاستعادة؟ وكيف يُمكن قياس هذا الضرر وتقديره وتعويضه؟ ومن يحكم في حالة وجود خلاف بين الدول حول مدى حدوث هذا الضرر أو عدمه؟

ومن الملفت للنظر أن البيان جاء قبل أيام قليلة من بدء المرحلة الرابعة من عملية الملء، مما يوحي بأن الهدف منه هو تهدئة الأجواء وتجنّب أي تصعيد أو احتجاج من مصر أو السودان. ولكن هذا لا يعني أن المشكلة قد حُلّت، بل ربما تكون قد تأجّلت فقط.

سد النهضة… الملء الرابع : تحدي أم فرصة؟

التفاوض: إلى أين؟

البيان المشترك لم يُحدّد أي تفاصيل عن كيفية استئناف المفاوضات أو ما هي الأسس والمبادئ التي ستُستخدم فيها. ولا نعلم إذا كانت المفاوضات ستبدأ من نقطة الصفر، أم من نقطة انتهت فيها المفاوضات السابقة. ولا نعلم ما هي القضايا والنقاط التي ستُطرح للتفاوض، أو ما هي الأهداف والنتائج المرجوة منه.

ولا نعلم أيضاً ما هو دور السودان في هذه المفاوضات، خصوصاً في ظل الأزمة السياسية والأمنية التي يعاني منها. فهل سيكون للسودان صوت وحضور فعّال في هذه المفاوضات، أم سيكون مجرد مُشارِك رسمي؟ وهل ستكون حقوق السودان في مياه النيل محفوظة ومُضمَنة في أي اتفاق مُحتمَل؟

ولا نعلم كذلك ما هو مبرّر اختيار فترة أربعة أشهر لإنهاء المفاوضات، فهل هذه فترة كافية لحل كل الخلافات والقضايا العالقة، التي لم تُحَلّ في سنوات من المفاوضات السابقة؟ أم هذه فترة عشوائية لإظهار نية جادة للتفاوض، دون ضمان تحقيق نتائج مُلموسة؟

ولا نعلم أخيراً ما هي ضمانات التزام إثيوبيا بالمفاوضات وبأي اتفاق قد يُبرَم. فإثيوبيا لم تُظْهِر في المرّات السابقة أي احترام للإطار القانوني أو الأخلاقي لحل الخلافات بشأن السد. فكيف يُمكن التأكّد من تغير موقفها هذه المرّة؟

تحول إثيوبيا إلى قطب طاقة كهرومائية في المنطقة، بسبب قدرتها على توليد نحو 6000 ميجاوات من الكهرباء من سد النهضة

خلاصة القول

البيان المشترك بشأن سد النهضة لا يُعطِي أية آمال أو ضمانات لمصر

سد النهضة هو مشروع إثيوبي لبناء أكبر سد للطاقة الكهرومائية في أفريقيا على النيل الأزرق، وهو أحد روافد نهر النيل. ويثير هذا المشروع مخاوف مصر والسودان من تأثيره على حصصهما من مياه النيل وأمنهما المائي. وتتواصل المفاوضات بين الدول الثلاث للتوصل إلى اتفاق قانوني ومُلزم بشأن ملء وتشغيل السد، لكنها تواجه صعوبات وعراقيل.

مخاطر سد النهضة

بعض المخاطر التي يمكن أن يسببها سد النهضة على الدول المجاورة هي:

  • تقليل كمية المياه المارة إلى مصر والسودان، مما يؤثر على الزراعة والشرب والصناعة والطاقة في هذين البلدين .
  • تغير نظام التدفقات المائية، مما يؤثر على التوازن البيئي والحيوي للنيل، ويزيد من خطر الفيضانات أو الجفاف
  • تغير جودة المياه، بسبب تحلل المواد العضوية في بحيرة السد، مما يزيد من تلوث المياه وانخفاض مستوى الأكسجين فيها، ويؤثر على صحة الإنسان والحيوانات والنباتات  .
  • تعرض سد النهضة لمخاطر هندسية أو طبيعية، مثل الانهيار أو التشقق أو الزلازل أو التخريب، مما يؤدي إلى كارثة إنسانية وبيئية على نطاق واسع .
  • تصعيد التوترات السياسية والأمنية، بسبب عدم التوصل إلى اتفاق قانوني ومُلزم بشأن سد النهضة، وإصرار إثيوبيا على ملء السد دون مراعاة حقوق مصر والسودان في مياه النيل
  • تضعف دور مصر والسودان في إدارة نهر النيل، بسبب فرض إثيوبيا لسياسة الأمر الواقع، وإغفالها للاتفاقات والمعاهدات الدولية التي تحكم استخدام الموارد المائية المشتركة .
  • تحول إثيوبيا إلى قطب طاقة كهرومائية في المنطقة، بسبب قدرتها على توليد نحو 6000 ميجاوات من الكهرباء من سد النهضة، وإمكانية تصدير جزء منها إلى الدول المجاورة، مما يزيد من نفوذها وتأثيرها السياسي والاقتصادي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.