موقف مصر من سد النهضة…بعد الملء الرابع.تواجه مصر تحديا كبيرا في الحفاظ على حقوقها في مياه نهر النيل في ظل بناء إثيوبيا لسد النهضة، والذي أعلنت عن اكتمال الملء الرابع لخزانه مؤخرا. يرى المصريون هذا الإعلان على أنه تهديد لمصيرهم ومصالحهم، في حين تحاول الحكومة المصرية إيجاد حلول تفاوضية تحد من الخسائر وتضمن التعاون المستقبلي مع أديس أبابا.
موقف مصر من سد النهضة…بعد الملء الرابع.
وحرصاً من “موقع ومجلة تستطيع” علي تقديم كافة الأخبار المحلية والعالمية والمعلومات الخدمية للمواطنين ننشر لكم خلال هذا التقرير,
إثيوبيا لديها رؤية طموحة للاستفادة من موارد نهر النيل في مجالات الزراعة والطاقة والتنمية، وترى في سد النهضة فرصة تاريخية لتحقيق هذه الأهداف. ولكن هذا المشروع يثير قلق مصر التي تعتمد بشكل شبه كامل على مياه النيل لسد احتياجاتها من الشرب والري والصناعة، وتخشى من أن يؤدي سد النهضة إلى خفض حصتها التاريخية من المياه، والتي تبلغ 55.5 مليار متر مكعب سنويا.
لقد دارت مفاوضات طويلة بين مصر وإثيوبيا والسودان، الذي يشارك في حصة المياه ويقع على مسار سد النهضة، للتوصل إلى اتفاق قانوني وملزم بشأن قواعد الملء والتشغيل لخزان السد، وذلك بوساطة من دول أفريقية وعربية وأوروبية وأميركية. ولكن هذه المفاوضات لم تحقق نتائج مرضية لجميع الأطراف، وظلت هناك خلافات حول بعض القضايا الأساسية، مثل آلية حل النزاعات والتعامل مع حالات الجفاف والطوارئ.
في هذه الظروف، قامت إثيوبيا بالمضي قدما في عملية الملء دون انتظار التوافق مع دول المصب، وأكملت الملء الأول في يوليو 2020 بحجم 4.9 مليار متر مكعب، ثم الملء الثاني في يوليو 2021 بحجم 13.5 مليار متر مكعب، ثم أعلن رئيس الوزراء آبي أحمد عن انتهاء الملء الثالث والرابع في سبتمبر 2021 بحجم 23.6 مليار متر مكعب، ليصل إجمالي الملء إلى 42 مليار متر مكعب، أي نحو 57% من السعة الكاملة للسد وهي 74 مليار متر مكعب.
اعتبرت إثيوبيا هذا الإنجاز نصرا وطنيا وتحقيقا لحلم الشعب الإثيوبي، وأشاد آبي أحمد بالدور الذي لعبه سد النهضة في توليد الكهرباء وتحسين الأمن الغذائي والمائي والاقتصادي لإثيوبيا. وأكد أن سد النهضة لن يضر بمصر أو السودان، بل سيفتح آفاقا جديدة للتعاون والتكامل الإقليمي.
من جانبها، رفضت مصر هذا التصرف من إثيوبيا، واعتبرته انتهاكا للقانون الدولي والاتفاقات الموقعة بين الدول المعنية، وخطرا على أمنها المائي والقومي. وأصدرت وزارة الخارجية المصرية بيانا نددت فيه بالملء الأحادي لخزان سد النهضة، وطالبت بضرورة التزام إثيوبيا بالمفاوضات الجارية تحت رعاية الاتحاد الأفريقي، والوصول إلى اتفاق شامل وعادل يحمي حقوق جميع الأطراف.
ولكن هذا البيان لم يكن حادا أو عدائيا، بل كان دبلوماسيا ومعبرا عن رغبة مصر في استمرار الحوار مع إثيوبيا، وذلك لأسباب عدة. أولا، تدرك مصر أن إثيوبيا حققت مرادها من الملء حتى الآن، وأنه لا يمكن إجبارها على التخلي عن هذه المكاسب. ثانيا، تعتبر مصر أن الملء الرابع لم يؤثر كثيرا على تدفق المياه إلى مصر، لأنه تزامن مع فترة فيضان النيل، وأن هذه المرحلة قابلة للتفاوض في المستقبل. ثالثا، تأمل مصر في أن تكون إثيوبيا أكثر تعاطفا وتسامحا بعد أن حققت نجاحات داخلية وخارجية، وأن تكون مستعدة لإبرام صفقة ترضى جميع الاطراف.
موقف مصر من سد النهضة…بعد الملء الرابع.
الخطوات التالية للتفاوض بين مصر وإثيوبيا حول سد النهضة هي:
- استئناف الحوار الثلاثي بين مصر وإثيوبيا والسودان تحت رعاية الاتحاد الأفريقي، والذي تم تعليقه في أبريل الماضي بسبب خلافات حول آلية حل النزاعات والتعامل مع حالات الجفاف والطوارئ .
- التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم على قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، وذلك في غضون أربعة أشهر، كما اتفق على ذلك الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في سبتمبر الماضي .
- التزام إثيوبيا بعدم المضي قدما في ملء خزان السد دون انتظار التوافق مع دول المصب، وذلك حفاظا على أمنهما المائي والقومي .
- تعزيز التعاون والتكامل الإقليمي بين دول حوض النيل، والاستفادة من فرص التنمية المشتركة التي يمكن أن يقدمها سد النهضة في مجالات الزراعة والطاقة والتجارة.