ما الذي يعنيه توحيد الصف السياسي الإسرائيلي في ظل الحرب؟ في ظل المواجهات العسكرية المستمرة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، والتي أسفرت عن سقوط عشرات القتلى والجرحى من الجانبين، وأسر مئات الجنود الإسرائيليين، اتخذ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قرارا مفاجئا بالموافقة على تشكيل حكومة طوارئ مع أبرز منافسيه في المعارضة، يائير لابيد وبيني غانتس. هذا التحالف الغير مسبوق بين أكبر ثلاثة أحزاب شعبية في إسرائيل، يهدف إلى تقديم صورة موحدة للعالم عن قوة وثبات إسرائيل في مواجهة التهديد الفلسطيني، وإلى تجاوز الخلافات والأزمات السياسية التي شلت عمل الحكومة في الأشهر الماضية.
ولكن هل يعد هذا التحالف فعلا حلا لمشاكل نتنياهو، أم هو مجرد محاولة يائسة لإنقاذ نفسه من ابتزاز حلفائه في اليمين المتطرف؟ وما هو تأثير هذه الخطوة على استراتيجية إسرائيل في التعامل مع الأزمة الحالية؟
خروج من المأزق لا شك أن نتنياهو كان يعاني من ضغوط كبيرة من قبل شركائه في التحالف الحكومي، خاصة من حزب “الصهيونية الدينية” بزعامة وزير المالية بتسلئيل سموتريش، وحزب “العظمة اليهودية” بزعامة وزير الأمن القومي إيتمار بن جفير. هذان الحزبان، اللذان يمثلان تيارات يمينية متطرفة، استغلا ضعف نتنياهو في مجلس الكنيست، وحصلا على مناصب وزارية وتنازلا على قضايا حساسة، مثل تطبيق قانون “القومية” وضم أجزاء من الضفة الغربية.
ولكن مع تصاعد التصعيد مع الفصائل الفلسطينية، وخروج إسرائيل من حالة التفوق العسكري التي كانت تتمتع بها، أدرك نتنياهو أنه لا يستطيع أن يستمر في هذا المأزق. فقد خسر ثقة جزء كبير من شعبه، وتعرض لانتقادات حادة من الإعلام والمجتمع الدولي، ووجد نفسه محاصرا بين مطرقة الضغط الداخلي وسندان التهديد الخارجي.
لذلك، قبل نتنياهو بالمبادرة التي قدمها لابيد، زعيم حزب “هناك مستقبل”، والتي تضمنت تشكيل حكومة طوارئ مع حزب “المعسكر الوطني” بقيادة غانتس، الذي كان وزير الدفاع السابق. هذه الحكومة، التي ستضم أكثر من 60 عضوا في مجلس الكنيست، ستعطي نتنياهو هامشا أكبر للتحرك والتفاوض، وستخفف من تأثير الأحزاب المتطرفة على قراراته.
ما الذي يعنيه توحيد الصف السياسي الإسرائيلي في ظل الحرب؟
تغيير في الاستراتيجية.
من المتوقع أن تعمل هذه الحكومة على تقديم رؤية مشتركة للتعامل مع الأزمة الحالية، وأن تحظى بدعم شعبي أوسع. ولكن هل سيؤدي ذلك إلى تغيير جذري في استراتيجية إسرائيل في مواجهة الفصائل الفلسطينية؟
الإجابة على هذا السؤال ليست واضحة. فمن جهة، قد يشعر نتنياهو بالحاجة إلى إظهار قوته وحزمه في ردع الفصائل الفلسطينية، وإثبات أنه لا يتراجع عن مواقفه المتشددة. ومن جهة أخرى، قد يضطر نتنياهو إلى التخفيف من حدة التصعيد، خصوصا بعد أن أصبح لديه شركاء جدد في الحكومة، يمثلون توجهات سياسية مختلفة، وبعد أن أصبح لديه مئات من الأسرى في يد الفصائل الفلسطينية.
ولذلك، فإن المستقبل يبقى غامضا. فلا يمكن التنبؤ بما ستفعله هذه الحكومة، أو ما ستقابله من ردود فعل من قبل الفصائل الفلسطينية. ولكن ما يبدو واضحا، هو أن هذه الحكومة ستشكل تحديا جديدا لإسرائيل، وأنها ستحتاج إلى كثير من التنسيق والتفاهم لإخراج إسرائيل من هذا المأزق.
ما الذي يعنيه توحيد الصف السياسي الإسرائيلي في ظل الحرب؟
هل يعني أن نتنياهو سيرحل عن منصب رئاسة الوزراء؟
لا، هذا لا يعني أن نتنياهو سيرحل عن منصب رئاسة الوزراء. فقد تمكن نتنياهو من البقاء في السلطة بعد أن تشكلت حكومة وحدة وطنية مع منافسه يائير لابيد في عام 2021 . وفقا لاتفاق التقاسم السلطة، سيبقى نتنياهو رئيسا للوزراء حتى نهاية عام 2022، ثم سيتولى لابيد المنصب لمدة عامين . ومع ذلك، فإن هذه الحكومة تواجه تحديات كبيرة، بسبب الخلافات السياسية والأزمات الأمنية والاقتصادية، وكذلك محاكمة نتنياهو بتهم الفساد . لذلك، فإن مستقبل نتنياهو كرئيس وزراء غير مضمون، وقد يتغير بحسب تطورات الأوضاع في إسرائيل.