هل تنهار “القبة الحديدية” إذا تحول صراع غزة إلى حرب إقليمية؟في ظل الحرب الدائرة بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة، تبرز دور منظومة “القبة الحديدية” الإسرائيلية، التي تُعتبر خط الدفاع الأول ضد الصواريخ والقذائف التي تطلقها الفصائل الفلسطينية. لكن هل تستطيع هذه المنظومة مواجهة تحديات أكبر في حال انضمام أطراف أخرى إلى الصراع، مثل “حزب الله” في لبنان والعراق، أو دول عربية مجاورة؟
هذا ما يثير شكوك بعض التقارير الغربية، التي تشير إلى أن “القبة الحديدية” قد تصبح عاجزة عن اعتراض كمية كبيرة من الصواريخ التي قد تنهمر على المدن الإسرائيلية، إذا اتسع نطاق النزاع في المنطقة. وهذا ما يدفع إسرائيل إلى طلب المزيد من الدعم الأميركي، سواء من حيث تزويدها بصواريخ جديدة للقبة، أو من حيث إعادة منظومتين من “القبة الحديدية” كانت قد استأجرتهما للولايات المتحدة.
ولكن ما هي قدرات “القبة الحديدية”، وما هي نقاط ضعفها؟ وكيف يمكن لإسرائيل التغلب على التهديدات المحتملة في حال اشتعال حرب إقليمية؟
هل تنهار “القبة الحديدية” إذا تحول صراع غزة إلى حرب إقليمية؟
“القبة الحديدية”… درع إسرائيل أم سلاح ذو حدين؟
“القبة الحديدية” هي نظام دفاع جوي أرضي، يستخدم لاعتراض وتدمير الصواريخ والقذائف قصيرة المدى، التي تصل إلى 70 كيلومترًا. بدأ استخدامه في عام 2010، وهو يتألف من رادار لكشف الصواريخ، ونظام قيادة وتحكم لتحليل المسارات، وصواريخ مضادة للاعتراض.
يقال إن “القبة الحديدية” تمتلك نسبة نجاح تصل إلى 90 في المائة في اعتراض الصواريخ، وهي تعتمد على حساب موقع سقوط الصاروخ، وإذا كان يشكل خطرًا على المناطق الحيوية أو السكنية، فإنها تقوم بإطلاق صاروخ مضاد لتدميره في الهواء. ويبلغ ثمن كل صاروخ مضاد حوالي 40 ألف دولار، ما يجعل استخدامه مكلفًا جدًا.
ولكن رغم هذه القدرات، فإن “القبة الحديدية” ليست معصومة من العيوب والثغرات. فهي لا تستطيع التعامل مع قذائف الهاون من عيار 120 ملم وما دون، ولا تستطيع اعتراض الصواريخ التي تقل مسافتها عن 4 كيلومترات. كما أنها قد تفشل في التصدي لهجمات كثيفة ومتزامنة من عدة جهات، خاصة إذا كانت الصواريخ أكثر تطورًا ودقة.
هل تنهار “القبة الحديدية” إذا تحول صراع غزة إلى حرب إقليمية؟
إسرائيل… بين سيناريوهات الحرب والسلام.
لا شك أن إسرائيل تدرك خطورة اتساع رقعة الصراع مع حماس، وانضمام أطراف أخرى إلى المعركة. فهي تعلم أن “حزب الله” في لبنان والعراق يمتلكان ترسانة صاروخية هائلة، قد تفوق عدد صواريخ حماس بأضعاف. كما تعلم أن بعض الدول العربية قد تشارك في الحرب ضدها، إذا استمرت في قصف غزة وانتهاك حقوق الفلسطينيين.
ولذلك، فإن إسرائيل قد تضطر إلى تغيير استراتيجيتها الدفاعية، والانتقال من اعتراض الصواريخ إلى تدمير منصات إطلاقها. وهذا قد يستوجب استخدام منظومات دفاعية أخرى، مثل “مقلاع داوود” و”باتريوت”، التي تستطيع اسقاط الصواريخ ذات المدى الأبعد، والطائرات المسيرة. ولكن هذا سيزيد من التكاليف المالية والبشرية لإسرائيل، وسيؤدي إلى ردود فعل دولية سلبية.
أو ربما تجد إسرائيل نفسها أمام خيار آخر، وهو التوصل إلى اتفاق سلام مع حماس، يضمن رفع الحصار عن غزة، وإنهاء الاحتلال للأراضي الفلسطينية. صراع غزة هو صراع مستمر بين إسرائيل وحماس، الحركة الإسلامية التي تسيطر على قطاع غزة منذ عام 2007. وقد اندلعت جولة جديدة من الصراع في أكتوبر 2023، بعد أن أطلقت حماس هجوما مباغتا بالصواريخ على إسرائيل، ردت عليه إسرائيل بشن غارات جوية وبرية على غزة. وقد أسفر الصراع عن مقتل وجرح الآلاف من الفلسطينيين والإسرائيليين، وتدمير البنية التحتية والمنشآت المدنية في القطاع.
تأثير صراع غزة على المنطقة.
صراع غزة له تأثير كبير على المنطقة بشكل عام، فهو يزيد من حدة التوترات والصراعات في الشرق الأوسط، ويهدد باندلاع حرب إقليمية تشمل دولا وجماعات أخرى.
بعض التأثيرات المحتملة هي:
- تضامن الشارع العربي والإسلامي مع الفلسطينيين، وخروج تظاهرات واحتجاجات في عدة دول ضد العدوان الإسرائيلي، مما يزعزع استقرار هذه الدول ويضغط على حكوماتها لاتخاذ موقف سياسي أو عسكري.
- تصعيد دور إيران في دعم حماس والمقاومة الفلسطينية، سواء من خلال تزويدها بالأسلحة والصواريخ أو من خلال تحريض حلفائها في المنطقة مثل حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن لشن هجمات على إسرائيل أو مصالحها.
- تورط دول عربية مجاورة لإسرائيل في الصراع، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، مثل مصر والأردن وسوريا، التي قد تتأثر بتدفق اللاجئين أو التهديدات الأمنية أو التضامن مع الفلسطينيين. كما قد تتأثر علاقات هذه الدول مع إسرائيل أو مع دول أخرى تؤيدها أو تدينها.
- تغير الموازين الإقليمية والدولية في المنطقة، حيث قد تزداد نفوذ دول كروسيا وتركيا والصين التي تحاول لعب دور أكبر في حل الأزمة أو استغلالها لصالحها. كما قد تتأثر مصالح وموقف الولايات المتحدة التي تدعم إسرائيل بشكل قوي، لكنها تحاول أيضًا التوسط لإحلال الهدوء.
هذه بعض التأثيرات المحتملة لصراع غزة على المنطقة بشكل عام، ولكنها ليست شاملة أو نهائية. فالمنطقة معقدة ومتغيرة، والصراع قد يأخذ منعطفات غير متوقعة.